يوم الفراق لقد خلقت عظيما
يَومَ الفِرَاقِ لقَد خُلِقتَ عَظيما
وَتركتَ جِسمِي لا سَقِمتَ سَقِيما
ما لِلفِرَاقِ تَفَرَّقَت أَعضاؤُهُ
ما زَالَ يَعصِفُ بِاللّقاءِ قَدِيما
ما زِلتُ بعدَكَ يا أَخي في حَسرَةٍ
وَتَلَدُّدٍ حَتّى أَراكَ سَليما
يَومَ الفِرَاقِ لقَد خُلِقتَ عَظيما
وَتركتَ جِسمِي لا سَقِمتَ سَقِيما
ما لِلفِرَاقِ تَفَرَّقَت أَعضاؤُهُ
ما زَالَ يَعصِفُ بِاللّقاءِ قَدِيما
ما زِلتُ بعدَكَ يا أَخي في حَسرَةٍ
وَتَلَدُّدٍ حَتّى أَراكَ سَليما
أَلَم يَأنِ تَركي لا عَلَيَّ وَلا لِيا
وَعَزمي عَلى ما فيهِ إِصلاحُ حالِيا
وَقَد نالَ مِنّي الشَيبُ وَاِبيَضَّ مَفرِقي
وَغالَت سَوادي شُهبَةٌ في قَذالِيا
وَحالَت بِيَ الحالاتُ عَمّا عَهِدتُها
بِكَرِّ اللَيالي وَاللَيالي كَما هِيا
هَذا كِتابُ فَتىً لَهُ هِمَمٌ
ساقَت إِلَيكَ رَجاءَهُ هِمَمُه
غَلَّ الزَمانُ يَدَي عَزيمَتِهِ
وَهَوَت بِهِ مِن حالِقٍ قَدَمُه
وَتَواكَلَتهُ ذَوو قَرابَتِهِ
وَطَواهُ عَن أَكفائِهِ عَدَمُه
أَفيكُم فَتىً حَيٌّ فَيُخبِرُني عَنّي
بِما شَرِبَت مَشروبَةُ الراحِ مِن ذِهني
غَدَت وَهيَ أَولى مِن فُؤادي بِعَزمَتي
وَرُحتُ بِما في الدِنِّ أَولى مِنَ الدِنِّ
لَقَد تَرَكَتني كَأسُها وَحَقيقَتي
مُحالٌ وَحَقٌّ مِن فِعالِيَ كَالظَنِّ
إِنّي أَظُنُّ البِليَ لَو كانَ يَفهَمُهُ
صَدَّ البِلى عَن بَقايا وَجهِهِ الحَسَنِ
يا مَوتَهُ لَم تَدَع ظَرفاً وَلا أَدَباً
إِلّا حَكَمتَ بِهِ لِلَّحدِ وَالكَفَنِ
لِلَّهِ أَلحاظُهُ وَالمَوتُ يَكسِرُها
كَأَنَّ أَجفانَهُ سَكرى مِنَ الوَسَنِ
عَنَّت فَأَعرَضَ عَن تَعريضِها أَرَبي
يا هَذِهِ عُذُري في هَذِهِ النُكَبِ
إِلَيكَ وَيلُكَ عَمَّن كانَ مُمتَلِئاً
وَيلاً عَلَيكَ وَوَيحاً غَيرَ مُنقَضِبِ
في صَدرِهِ مِن هُمومٍ يَعتَلِجنَ بِهِ
وَساوِسٌ فُرَّكٌ لِلخُرَّدِ العُرُبِ
مَتى يُرعي لِقَولِكَ أَو يُنيبُ
وَخِدناهُ الكَآبَةُ وَالنَحيبُ
وَما أَبقى عَلى إِدمانِ هَذا
وَلا هاتا العُيونُ وَلا القُلوبُ
عَلى أَنَّ الغَريبَ إِذا اِستَمَرَّت
بِهِ مِرَرُ النَوى أَسِيَ الغَريبُ
طَلَبَتهُ أَيّامٌ وَطالَبَ مِثلَها
أُخرى فَأَصبَحَ طالِباً مَطلوبا
هِيَ عَزمَةٌ كَالسَيفِ إِلّا أَنَّها
جُعِلَت لِأَسبابِ الزَمانِ قَضوبا
خَطَبَت خُطوبَ الدَهرِ مِنهُ خُطَّةً
نَتَجَت عَلَيهِ تَجارِباً وَنُكوبا
لَمّا رَأَيتُ الأَمرَ أَمراً جِدّا
وَلَم أَجِد مِنَ القِيامِ بُدّا
لَبِستُ جِلدَ نَمِرٍ مُعتَدّا
وَجِلدَ ضِرغامٍ يَقُدُّ قَدّا
جَمَعتُ جَمعَ العَرَبِ الأَشِدّا
جَمعاً يُلِدُّ الظالِمَ الأَشَدّا
تَصَدَّت وَحَبلُ البَينِ مُستَحصِدٌ شَزرُ
وَقَد سَهَّلَ التَوديعُ ما وَعَّرَ الهَجرُ
بَكَتهُ بِما أَبكَتهُ أَيّامَ صَدرُها
خَلِيٌّ وَما يَخلو لَهُ مِن هَوىً صَدرُ
وَقالَت أَتَنسى البَدرَ قُلتُ تَجَلُّداً
إِذا الشَمسُ لَم تَغرُب فَلا طَلَعَ البَدرُ