كم مرضت صبوتي فجاءت
كم مرضَتْ صبوتي فجاءَتْ
جزيرةُ النّيلِ بالشِّفاءِ
في ليلةٍ ما يزالُ فيها
ريٌّ لأكبادِنا الظِّماءِ
كاد لفرطِ السرورِ منّا
أن يعثُرَ الصُبحُ بالمساءِ
كم مرضَتْ صبوتي فجاءَتْ
جزيرةُ النّيلِ بالشِّفاءِ
في ليلةٍ ما يزالُ فيها
ريٌّ لأكبادِنا الظِّماءِ
كاد لفرطِ السرورِ منّا
أن يعثُرَ الصُبحُ بالمساءِ
قال موسى إنّ فكري ديمةٌ
وقَريضي كلُّهُ روضٌ نَضِرْ
وتألّى حِلفةً أنّ سِوى
شعرِه مثلُ هشيمِ المختضِرْ
قلتُ يا موسى بن عِمرانَ أفِقْ
فلقد قُوبِلْتَ مني بالخَضِرْ
يا دَمعُ صُب ما شِئتَ أَن تَصوبا
وَيا فُؤادي آنَ أَن تَذوبا
إِذِ الرَزايا أَصبَحَت ضُروبا
لَم أَرَ لي في أَهلِها ضَريبا
قَد مَلَأَ الشَوقُ الحَشا نُدوبا
في الغَربِ إِذ رُحتُ بِهِ غَريبا
أَمُقامُ وَصلٍ أَم مَقامُ فِراقِ
فَالقُضبُ بَينَ تَصافُحٍ وَعِناقِ
خَفّاقَةٌ ما بَينَ نَوحِ حَمامَةٍ
هَتَفَت وَدَمعِ غَمامَةٍ مُهراقِ
عَبِثَت بِهِنَّ يَدُ النُعامى سَحرَةً
فَوَضَعنَ أَعناقاً عَلى أَعناقِ
أَعوذُ بِبَدرٍ مِن فِراقِ حَبيبي
وَمِن لَوعَتي في إِثرِهِ وَنَحيبي
وَمِن فَجعَتي مِنهُ بِقُرَّةِ أَعيُنٍ
إِذا شُرِعَت فيهِ وَشُغلِ قُلوبِ
يَروحُ قَريبَ الدارِ وَالهَجرِ دونَهُ
وَرُبَّ قَريبِ الدارِ غَيرُ قَريبِ
أَزَفَّ الرَحيلُ وَحانَ أَن نَتَفَرَّقا
فَإِلى اللِقا يا صاحِبَيَّ إِلى اللِقا
إِن تَبكِيا فَلَقَد بَكَيتُ مِنَ الأَسى
حَتّى لَكِدتُ بِأَدمُعي أَن أَغرَقا
وَتَسَعَّرَت عِندَ الوَداعِ أَضالِعي
ناراً خَشيتُ بِحَرّها أَن أَحرَقا
فقدتُكِ يا كنيزةُ كلَّ فقدٍ
وذُقتِ الموت أولَ من يموتُ
فقد أوتيتِ رحبَ فمٍ وفرجٍ
كأنك من كلا طَرَفَيكِ حُوتُ
ويابسةُ الأسافلِ والأعالي
كأنكِ في المجالس عَنكبوتُ
قد كنتُ أبكي على من ماتَ من سَلَفي
وأهلُ وُدِّي جميعٌ غيرُ أشتاتِ
فاليوم إذ فرَّقَتْ بيني وبينَهُمُ
نوىً بكيْتُ على أهل المودَّاتِ
وما حياةُ امرئٍ أَضحَتْ مَدَامِعُهُ
مقسومةً بين أحيَاءٍ وأمواتِ
كُفِّي الدموع وإن كان الفِراقُ غَدَا
فرِحْلتي لتعيشي عيشةً رَغَدَا
قالت أَتَرحلُ والمَشْتاةُ قد حَضَرتْ
فقلتُ مِثْليَ في أمثالها انْجَرَدَا
بُنيَّ قد قعد الدهر الخؤون بنا
وليس مثليَ في أمثاله قَعَدا
تَذَكّر سَلمى بَعدَ ما حالَ دونها
مِنَ النأيِ ما يُسلي فَهَل أَنتَ صابِرُ
فَأَنتَ إِلى سَلمى تحِنُّ صَبابَةً
كَما حَنَّ أُلافُ المَطِيِّ السَواجِرُ
وَما كُنتُ أَدري قَبلها أَنَّ ذا الهَوى
يَزيدُ اشتِياقاً أَن تَحِنَّ الأَباعِرُ